لم تخرج المعلومات التي تسربت من لقاء القمة اللبنانية – الفرنسية بما هو غير مألوف، فقد تنوّعت الملفات التي عرضت في الخلوة التي ضمّت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبقيت في العموميات بعدما استعرضا مختلف أوجه التعاون الممكنة بين البلدين ووجوه الدعم الفرنسي المتمثّلة بما يتصل بنتائج انفجار المرفأ وبرامج الإغاثة، كما المساعدات الطبية في مواجهة جائحة كورونا وتلك الناجمة عن انفجار المرفا.
وعلمت «الجمهورية» انّ أجواء اللقاء الثنائي بين عون وماكرون كانت جيدة جداً، بدأه عون بشكر نظيره الفرنسي على المساهمة الفرنسية في تنظيف المرفأ والمساعدات العينية التي قدمتها الى مختلف الجهات المختصة، كذلك مساعدة فرنسا في التحقيقات في انفجار المرفأ. وقد أخذ الشق السياسي الحيّز الأكبر من النقاش، حيث وضعه عون في أجواء تشكيل الحكومة بعد تكليف مصطفى اديب، واكد له انّ مدة التشكيل لن تستغرق وقتاً طويلاً، والهدف هو تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات في المرحلة المقبلة مع تَمنّيه من كافة القيادات السياسية التجاوب بمسار تشكيل الحكومة لضمان ثقة المجتمع الدولي، خصوصاً انه سيكون من أبرز مسؤولياته ومهماته إقرار الاصلاحات ومكافحة الفساد وتصحيح الخلل في القطاع المصرفي»
ورد ماكرون على عون قائلاً: «كن على ثقة انّ فرنسا ستبقى الى جانب لبنان ولن تترك اللبنانيين في هذا الظرف الصعب، وهذا هو الخيار الدائم وسيبقى كذلك، واذا اقتضى الأمر ان ازور لبنان مرة اخرى للمساهمة فأنا جاهز وبلادي جاهزة للمساعدة في تحقيق خطط النهوض المطلوبة ضمن الاصلاحات في كافة المجالات، والتي سبق ان تحددت». وشدد على المساعدة في إزالة آثار الانفجار، مؤكداً انها مستمرة حتى إنجاز الفرق المعنية مهمتها بالتعاون مع الجيش اللبناني.
وتمّ التطرق الى المجال التربوي، حيث تحدث ماكرون عن الخطة لمساعدة المدارس والتخفيف من معاناة الطلاب، وخصوصاً الصغار منهم.
وفي ما يتعلق بطرح «الدولة المدنية»، قال ماكرون «انّ هذا الطرح هو عامل مهم يساهم في الحدّ من المناكفات التي تحصل دائماً بين القوى السياسية في لبنان عند طرح اي ملف للمعالجة». واضاف: «انّ فرنسا تدعم الخيارات التي يلتقي عليها اللبنانيون». وتحدث ايضاً عن «الدور الانساني الذي لعبه الفرنسيون، خصوصاً المهمة التي جاءت من اجلها «لو تونير» الى لبنان.
وبعدما انضَمّ رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اللقاء، أعلن ماكرون عن نية فرنسا عقد مؤتمر اقتصادي يخصّص لدعم لبنان تشارك فيه دول عربية واجنبية، وهو يندرج ضمن خطة النهوض الاقتصادي وسيكون مكمّلاً لمؤتمر «سيدر» الذي انعقد في باريس، خصوصاً انّ دولاً عدة شاركت فيه وتشارك فرنسا بهذه المهمة، وقد انعكس هذا الاهتمام في مؤتمر المساعدة الذي عقده ماكرون في باريس في 9 آب. وقال ماكرون: «انّ موعد هذا المؤتمر سيحدد في اواخر تشرين الثاني او بداية كانون الاول، أما المكان فيحدد لاحقاً». واكد انه «جاهز للتدخّل عند الضرورة للمساهمة بإزالة العقبات امام اي حل سياسي في لبنان بين القوى السياسية، من دون ان يعني ذلك تدخلاً بالشؤون اللبنانية»، مكرراً اكثر من مرة الحديث عن الاصلاحات. وخاطب عون قائلاً: «يمكنك الاتكال على فرنسا، لبنان سيتعافى لأنه مميز ويجب ان نحافظ على خصوصيته، وهذا لسان المجتمع الدولي كله وشركائنا وشركاء فرنسا».
وطلب ماكرون من بري ان يكون هناك دور فعّال للمجلس النيابي في المرحلة المقبلة، خصوصاً لجهة إعداد قوانين للاصلاحات عند الانتقال من مرحلة الى اخرى، فأكد له بري «انّ المجلس مُستنفر لكل ما يرسل اليه من الحكومة بما خَصّ الاصلاحات، وهو سيتعاون الى أقصى الحدود من اجل الاسراع بها».
وأطلق ماكرون خلال الغداء مواقف بارزة، خصوصاً ما يتعلّق بتشكيل «حكومة بمهمة محددة في أسرع وقت»، داعياً الى منح الرئيس المكلف «كل وسائل النجاح»، بعد أن أكد أنه «لا يعود لي أن أوافق عليه أو أن أبارك اختياره».
إلّا أنه اعتبر أنّ تسميته السريعة بعد 3 أسابيع من استقالة حكومة حسان دياب، بدلاً من «6 أشهر»، هي «إشارة أولى» الى «تغيير أكثر سرعة» ربطه بالضغط القائم على الطبقة السياسية.
الجمهورية