اشتعلت النّيران في مرفأ بيروت، في مستودع لإطارات السيارات والزيوت، يوم الخميس 10 أيلول 2020، فكان بمثابة جنازة الـ 40 يومًا للعاصمة وللمناطق المحيطة بها، ولكل لبنان، الذي بات في حالة حداد دائمة بعد إنفجار الرابع من آب المنصرم. توشّحت سماؤنا بالسواد من جديد، وأحيل الحريق إلى القضاء المختصّ، لا سيّما وأنّ أسبابه غير معلومة حتّى الساعة. كان الحريق مُفاجئًا للجميع ومُهينًا للمسؤولين اللبنانيين. فكيف لمنطقة مطوّقة أمنيًّا ومحجورة قضائيًّا أن تحترق مهما كانت الأسباب؟ من هو المستفيد والمتّهم؟ وما هو الدور والموقف الفرنسي؟أكّدت معلومات مركز الصحافة والإعلام الدولي في باريس، أنّ الحريق حصل ليخفي تمامًا الوثائق والمراسلات في إدارة الجمارك، والتي يُمكن أن تساعد التحقيق في معرفة المسؤولين عن إنفجار المرفأ، وأيضًا لطمس حقيقة سرقة المواد الغذائية والسلع الممنوحة إلى المنظّمات الإنسانية والإجتماعية. يُشير رئيس مركز الصحافة ابراهيم الصيّاح، إلى أنّ الأدلّة تُدين المستفيدين من هذا الحريق، وكل من له مصلحة في تضليل التحقيقات.تتوجه المساءلة اليوم، نحو إدارة الجمارك لكونها «الآمر والنّاهي» وعلى علاقة مباشرة بدخول وخروج كافة البضائع من وإلى مرفأ بيروت، بحسب الصيّاح. ولكن هذا لا يعني بأنّ الشكوك لا تطال مسؤولين آخرين يعملون لخدمة الفئة الأقوى والأكثر تأثيرًا في البلد.يرى الصيّاح أنّ الحريق سيُخفي تفاصيل سرقة المواد الغذائية والسلع الممنوحة إلى المنظّمات الإنسانية والإجتماعية، والتي تُباع في المناطق اللبنانية. كما أنّه لا يستثني أصحاب المخازن، فهؤلاء يتكبّدون خسائر يوميّة من خلال التكاليف المترتبة على مكوث بضائعهم على أرض المرفأ. علمًا أنّ البضائع بغالبيّتها لم تعد صالحة بعد الإنفجار، وأنّ شركات التأمين تتأخّر عن دفع التعويضات وتنتظر صدور نتائج التحقيق لتصنيف الكارثة التي حصلت… في حين أنّها مُجبرة على التعويض في حالات الحريق.يؤكّد رئيس مركز الصحافة، أنّ التحقيقات تحتاج للعدالة المنزّهة، ولقاضٍ قوي يكون محميًّا ومدعومًا من فئة همّها الوحيد مصلحة لبنان وشعبه. ويتأسّف لغياب أي تقدّم قضائي جدّي حول زلزال 4 آب، وعلى هذا الأساس، يسأل: «كيف سنصل إلى حقيقة الحريق؟». يتخوّف الصيّاح من أن يكون ما جرى ويجري هو في سياق مسلسل، ليس فقط لحرق بيروت بل لحرق لبنان، لأنّ الأيادي السود المتّهمة، لن تستسلم ما إن يتمّ تضييق الخناق عليها، وما إن توجّه الإتّهامات ضدّها، فهي ستُخرّب إلى أقصى الحدود.عن الموقف والدور الفرنسي، وإستنادًا إلى معلومات مركز الصحافة في باريس، إنّ ماكرون لن يحيد عمّا رسمه من أجل استنهاض الوضع اللبناني، وتحديدًا في موضوع تأليف الحكومة، متفاهمًا بذلك مع أميركا وغيرها من دول معنيّة. وإن لم تُشكّل الحكومة بما تشتهي فرنسا، فستطال العقوبات أسماء كبيرة، ومن كافة الفئات، ومن بينها أسماء تلعب في الملعب الأميركي، فلا «كبير» على اللعبة الدولية… وهذا ما يفسّر تكليف مصطفى أديب لرئاسة الحكومة بقبول تام ومُستغرب من قِبل جميع الأطراف. ويُلفت الى أنّ الفرنسي اليوم لا يتحدّث بإسم فرنسا وحدها، بل بإسم المجتمع الأوروبي والأميركي وحتّى العربي وخصوصًا الخليجي. وإزاء التطوّرات الأخيرة، يرى أنّ الموقف الفرنسي سيكون قاسيًا جدًا وسيُقابل بالقسوة من قبل الأحزاب اللبنانية. وتحت شعار، «لا عداوات دائمة ولا خصومات دائمة بل مصالح دائمة»، إنّ الأقوى هو من سيعمل على إصلاح لبنان وإعادته إلى مساره الطبيعي.على الصعيد الشخصي، يَثق الصيّاح بالفرنسي وبالديبلوماسية الفرنسية. وبرأيه، «إن تعجز واشنطن عن التحاور مع ايران فالفرنسي لا مانع لديه، وهو السيناريو الذي يغطّيه الفاتيكان دوليًّا».ناريمان شلالا – الجمهورية