يستمر النسق التصاعدي للأزمات على أنواعها في لبنان، مع حركة سياسية «بلا بركة»، تعطي انطباعًا مغلوطًا للناس بأن الأمور تتّجه الى الأفضل، مع تهميش للواقع الصحي الذي يعتبر أخطر الأزمات، من قبل أهل الحل والربط المهتمون حاليًا بصياغة صفقات تنتج عن لعبة الضغط السياسي الحالي على قاعدة من يصرخ أولًا.
لذا، فالتذكير بالواقع الكارثي عشية الأعياد، أمر ضروري، خصوصًا وأن الموجة الأقسى وبائيًا في لبنان دخلت بالوقت عينه من العام المنصرم، بالإضافة لتفاقم مشاكل القطاع الصحي ككل الى جانب جائحة كورونا، فكيف يتم التعامل الرسمي مع الأزمة وهل من جهوزية تامة لتجنب موجة جديدة تعيد إقفال البلد؟
في حديث مع «اللواء»، أكد رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي أن تعاون اللجنة مع وزارة الصحة والوزير فراس الأبيض دائم ومستمر، إذ نناقش معًا خطة مواجهة الواقع الوبائي الحالي مع دراسة لجهوزية المسشفيات ومحاولة رفعها لاستيعاب أكبر عدد من الحالات في حال تطلب الأمر.
وأفاد عن اجتماع سيحصل الثلاثاء مع الوزير أبيض لاستكمال البحث في هذه التفاصيل مع الاتفاق على طرق التعامل مع المرحلة الحالية والمقبلة، مشيرًا الى أن النقاشات مع غير الوزارة، والى جانب مشكلة الوباء، تشمل أيضًا المؤسسات الضامنة الأخرى.
وتطرق عراجي الى أزمة الفواتير التي تدفع عبر الضمان الإجتماعي على سعر 1515 ليرة في حين يتكبد المواطن الكلفة المتبقية للاستشفاء والتي تدفع بحسب سعر دولار السوق، معتبرًا أن حل مشكلة كلفة الاستشفاء الباهظة التي أرخت بظلالها على الواقع المعيشي الصعب، هي مسؤولية الحكومة، التي يجب أن تنظر بالميزانية الخاصة بهذه الأمور، إلا أن الواقع السياسي المتجمد يمنع الحكومة من الاجتماع ولا يمكن الوصول الى نتيجة في ظل هذا الوضع.
واعتبر أن رفع الميزانية ليس بالحل الأنسب مع ما يترتب من ضغط اضافي على الليرة اللبنانية، إذ قال: “لا يمكن ضبط الوضع بدون الاعتماد على المساعدات الخارجية التي تأتي بالدولار، وخلال اجتماعنا مع وفد البنك الدولي استنتجنا أننا لن نحصل على دولار واحد قبل أن تقوم الحكومة بالاصلاحات المطلوبة”.
اوميكرون في لبنان
تتّسع رقعة انتشار متحوّر اوميكرون حول العالم بشكل سريع، وتشير الأرقام الى أن المتحوّر الجديد دخل الى 57 دولة، وتعليقًا على انتشار الضيف الجديد من أسرة كورونا، رأى عراجي أن رقعة الانتشار بنظره أوسع من الرقم المعلن، بحيث لا تملك كل الدول امكانيات رصده بشكل دقيق.
وعن دخوله الى لبنان، أكد عراجي أنه يجب ألا نستغرب ذلك، فهو فيروس ينتشر ولا يمكن منعه بشكل نهائي، ودعا الى تفعيل المسؤولية الفردية لكل شخص منا واعادة الالتزام بطرق الوقاية المتعارف عليها بالإضافة الى التشجع أكثر لأخذ اللقاح.
وأكد مجددًا على الواقع الكارثي الذي تناوله سابقًا وزير الصحة في ما يخص مراكز كورونا والعدد الكبير الذي أقفل بسبب الانخفاض السابق بالحالات وعدم قدرة المراكز على اعادة العمل نظرًا للواقع الاقتصادي المرير، مشيرًا الى أن وزير الصحة يعمل على اعادة فتح عدد منها لرفع الجهوزية.
وأضاف عراجي: هناك نقص حاد بأسرّة كورونا في المستشفيات اضافة الى نقص الأسرّة في مراكز العناية، لذا نحاول زيادة هذا العدد تحسبًا لتطور الوضع الوبائي، كي نتجنب اقفال البلد مجددًا علمًا أن اقفال البلد لا يعني زيادة التزام الناس بالاجراءات الوقائية اللازمة، ولا يمكن أن نمنع اليوم الناس من العمل في ظل الوضع الاقتصادي المأساوي.
هل اقتربنا من المناعة المجتمعية؟
في هذا الخصوص، أشار عراجي الى أن الدول المصنّعة للقاحات أخطأت بسياسة التلقيح إذ عملت على تلقيح شعوبها من دون توزيع عادل على باقي الدول مما أبقى الوباء منتشرًا مع متحورات جديدة.
ولفت الى أن زيادة نسبة المواطنين الملقحين تساعد بتحصين المجتمع، ولكن لا تمنع الإصابات بشكل نهائي إنما الفارق أن الملقحين اذا أصيبوا بالفيروس تكون أعراضهم خفيفة.
وأفاد بأن العناية المركزة تستقبل فقط 15% من الملقحين المصابين، مما يعني أن 85% من المصابين الملقحين لا يحتاجوا الى العناية المركزة.
وختم عراجي بالتأكيد على قدرة اللقاحات الموجودة في لبنان على تأمين المناعة بوجه «اوميكرون» بنسبة 75% لفايزر و71% لاسترازينيكا.