على صعيد الحكومة تتحول حكومة نجيب ميقاتي اليوم الى حكومة تصريف اعمال بعد انتخاب المجلس الجديد وبدء ولايته وفقا للمادة 69 من الدستور.
وقد اعلنت المديرية العامة لرئاسة الجــمهورية في بيان مقتضب لها امس، ان رئيس الجمهورية اعرب عن شكره العميق لرئيس مجلــس الوزراء، وطلب من الحكومة تصريف الاعمال ريثما تتشــكل حكومة جديدة.
هل ستؤلف الحكومة في وقت قريب؟ الاجواء والمعطيات المتوافرة حتى الآن لا ترجح تشكيل الحكومة قريبا، لا بل ان المهمة ستكون صعبة ومعقدة، الامر الذي يجعل البعض يعتقد بأننا ذاهبون مجدداً الى ازمة حكومية جديدة قد تمتد الى موعد استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الجديد في الخريف المقبل.
وتواجه هذه العملية امتحانين صعبين: الاول تسمية رئيس الحكومة الجديد، والثاني الاتفاق على تشكيلة الحكومة ونوعها وعلى بيانها الوزاري.
وفي هذا المجال، قالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان الاسم لرئاسة الحكومة الجديدة غير محسوم بعد، وان التجاذبات ستكون قوية في الايام المقبلة حول الرئيس الجديد.
وكشفت المصادر عن ان هناك محاولات جديدة تجري لترشيح السفير نواف سلام، وان هذه المحاولات تقودها «القوات اللبنانية» مستندة الى توفير دعم لهذا التوجه مما يسمى بـ «القوى السيادية» وتأييد عدد من نواب «التغيير». وقالت ان هذا الامر طرح جدياً في اليومين الماضيين في لقاءات ومشاورات بعيدة عن الاضواء، مشيرة الى ان لقاء جعجع مع اللواء اشرف ريفي في معراب تناول هذا الموضوع، وان الاول ابلغ الثاني الرغبة في ترشيح سلام اذا لم تتوافر عناصر ترشيحه لرئاسة الحكومة.
وذكرت المعلومات ايضا، ان هناك عددا من نواب 17 تشرين يؤيدون ترشيح نواف سلام، لكن هناك عدداً آخر من الفائزين لـ «قوى التغيير» يرفضون ذلك ومنهم على سبيل المثال لا الحصر اسامة سعد وعبد الرحمن البزري والنائب مسعد والياس جراده.
وفي مقلب آخر، يبدو ان فرص عودة ميقاتي لرئاسة الحكومة متوافرة خصوصا في ظل المعلومات التي تسربت بعد الانتخابات النيابية والتي تفيد بان فرنسا تميل الى التجديد لميقاتي الذي استطاعت حكومته ان تجري الانتخابات النيابية باقتدار، مسجلة له ايضا وضع الامور على سكة اقرار وتنفيذ الاصلاحات التي شددت وتشدد عليها باريس والمجتمع الدولي.
ويحظى ميقاتي برصيد نيابي جيد، حيث تتوقع الاوساط المراقبة، ان يعيد ثنائي «امل» وحزب الله تسميته الى جانب «المردة» وعدد من النواب الحلفاء ونواب «المستقبل» الذين خالفوا قرار الرئيس الحريري.
كما ان «اللقاء الديموقراطي» يتوقع ايضا ان يجدد تسميته، خصوصا ان وليد جنبلاط تربطه علاقة جيدة بفرنسا ورئيسها، رغم انه كان رشح السفير سلام في مرحلة سابقة وبظروف مختلفة.
اما «التيار الوطني الحر» وبعد خطاب باسيل امس، فانه لا يحبذ عودة ميقاتي ويفضل بمجيء رئيس جديد للحكومة.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان رئيس التيار بدأ فعلا جوجلة اسماء اخرى، لكنه يفضل التريث بانتظار انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس، ورصد مواقف الكتل الاخرى.
وذكرت المصادر من جهة اخرى ان طرح اسم النائب عبد الرحمن البزري يجري التداول به جدياً، وان هناك مداولات تحصل بين قوى تغييرية ومع قوى سياسية اخرى. واضافت ان الامور لم تتبلور بعد، لكن الايام المقبلة ستكشف اكثر المشهد الذي سيحكم تسمية رئيس الحكومة الجديد.
لكن تكليف الرئيس الجديد للحكومة، لا يعني ان الطريق ستكون معبدة لتأليف الحكومة العتيدة في ظل تركيبة المجلس الجديد المعقدة، خصوصا بعد دخول طرف ثالث الى البرلمان يتمثل بـ «قوى التغيير» التي تحاول تشكيل تكتل نيابي وازن في المجلس.
ولم تستبعد مصادر مطلعة ان ترفع فرنسا في الايام المقبلة من وتيرة انخراطها في السعي الى تأليف حكومة جديدة، خصوصا بعد دعوتها قبل يومين الى الاسراع بهذه العملية واقرار الاصلاحات والمباشرة بتطبيقها.
وفيما قال مصدر سياسي ان باريس ما زالت تملك ما يشبه التفويض من الادارة الاميركية لاستكمال مبادرتها، ذكرت مصادر اخرى ان واشنطن لم تعط اشارات واضحة بعد الانتخابات حول شكل الحكومة الجديدة ورئيسها. واضافت ان واشنطن ما زالت ترصد نتائج الانتخابات، لكنها في الوقت نفسه تميل الى اكمال فرنسا دورها في ما يتعلق بالازمة اللبنانية.
وفي موضوع متصل، توقف مصدر سياسي بارز امام اقرار حكومة الرئيس ميقاتي في آخر يوم من عمرها لخطة التعافي المالي والاقتصادي، معتبرا ان هناك اسبابا وعوامل ادت الى اتخاذ مثل هذا القرار بهذا التوقيت. واضاف لا شك ان هناك رغبة لميقاتي بانجاز هذه الخطة لاضافتها الى رصيد حكومته، وان الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر يلتقيان مع هذه الرغبة، رغم بعض الخلافات في شأنها للغاية نفسها وهي احتساب الخطة من رصيد العهد.
ولفت المصدر ان هناك سببا آخر يتمثل باقرار خطة التعافي، التي تعتبر اساسا لضمان تأمين دعم صندوق النقد الدولي والدول والهيئات المانحة، خشية امتداد حكومة تصريف الاعمال لفترة طويلة. وستكون الخطة المذكورة التي تواجه انتقادات عديدة من قوى واطراف وكتل نيابية وهيئات اقتصادية واجتماعية ونقابات متنوعة، امام امتحان دقيق وغير سهل في مجلس النواب الذي سيناقشها بموازاة مناقشة قانون الكابيتال كونترول.
والجدير بالذكر ان وزراء حركة «امل» وحزب الله ما عدا وزير المال عارضوا اقرار الخطة في جلسة اول امس الى جانب وزير الحزب «التقدمي الاشتراكي». ولا تعارض هذه القوى الخطة بكاملها ولكنها تطالب باجراء تعديلات عليها خصوصا في ما يتعلق بأموال المودعين، حيث تضمن الخطة المذكورة اعادة اموال المودعين الصغار من مئة الف دولار وما دون، بينما تدور علامات استفهام كبيرة على باقي الودائع، وهناك اتجاه ساد في اللجان لرفع هذا السقف ليصل الى المئتي الف دولار او المئتين وخمسين الفاً.
الديار