تتسارع وتيرة الأحداث على الساحة الداخلية اللبنانية. فقد أتت زيارة البابا إلى لبنان حاملة رسائل روحية تحمل في طياتها أبعادًا سياسية، تعكس دعوة صريحة لصنّاع السلام في المنطقة. تلاها انعقاد لجنة “الميكانيزم” في الناقورة، والتي ضمت ولأول مرة وجهًا مدنيًا، لبحث الملفات الأمنية والتقنية، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، وتصحيح النقاط الحدودية، في محاولة لتجنيب لبنان شبح الحرب.

لكن في المقابل، صعّدت إسرائيل من تهديداتها وتحذيراتها، فاستهدفت بعض المباني المدنية في الجنوب، مدّعية استخدامها كمخازن ومستودعات أسلحة، كما هي عادتها. ومع تزايد الخروقات دون رادع، تستمر المفاوضات تحت خط النار، وهو ما تصرّ عليه إسرائيل لتحقيق هدفها: حماية أمنها في الشمال من خلال قضم المزيد من الأراضي الحدودية، وفرض واقع جديد يتمثل في منطقة فصل أمنية تحت رقابة أميركية، تعني فعليًا مراقبة إسرائيلية دائمة للداخل اللبناني، وحدود مكشوفة، ما يشكل خرقًا صارخًا للسيادة الوطنية.

وهكذا، تجد الدولة اللبنانية نفسها أمام اختبار جديد في ما يخص الأمن والسيادة. وهنا تتجلّى أهمية الحكمة والحنكة القيادية للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر، عبر التكاتف الوطني، ووحدة الموقف والكلمة، والتمسك بالثوابت الوطنية، وهي مبادئ يجمع عليها الشعب ومعظم القيادات.

By jaber79

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *